عيد الأم .. بين الحلال والحرام !

---

مناسبة " عيد الام " هي المناسبة التي يتجدد فيها في كل عام النقاش حول شرعية الاحتفال بيوم الأم أو عيد الأم . وفيما يرى البعض أن الاحتفال بالام ..
بالحضن الدافئ والقلب الواسع لا حرج فيه ، يرى البعض الاخر بهذا " العيد " بدعة ولا يجوز الاحتفال به ...
لطالما استحوذت الام في جميع الأديان السماوية والمثل والنظريات على مكانة أثيرة ، واقترن بر الوالدين في نصوص عديدة بالإيمان وسمو الأخلاق وحسن الصفات، وقد صوّر البعض الأم بأنها الحنان والجنان والأمان ، وصورها آخرون انها العطاء، النقاء والطهارة بأبهى صورة ، صوّرت بشتى الصور، وعلى الأغلب لم يخطئ احد ممن رسموا تلك الصور والمفاهيم السامية والعذبة عن الأمومة، فهي كل تلك الأوصاف والمفاهيم النبيلة.. وفيما يرى الكثيرون حاجة لتكريم الامهات في يوم خاص هو " عيد الام " والتعبير عن حبهم وتقديرهم اللامتناهي لسيدة ما تزال تجلس متربعة على عرشها في العطاء دون منافس، يرفض او حتى يحرّم البعض الاخر الاحتفال بهذه المناسبة ، اذ يؤكد هؤلاء على أن الأم يجب تكريمها في كل يوم من العام وليس في يوم محدد .

"تقديس الوالدين هو واجب دون تحديد للزمن"
قال احد الشيوخ حول واحد من اكثر التساؤلات تداولا في هذه الايام مع قرب حول " عيد الام " وهو : هل عيد الأم حرام ؟ ، فأجاب قائلا :" نحن كمسلمين ، الأم معظمة عندنا طول العمر وليس طوال عام او يوم في العام ، وعلى الابن ان يبر والدته منذ نعومة اظفاره الى ان تلقى الله عز وجل وحتى بعد وفاتها عليه ان يدعو لها بالمغفرة والرحمة ، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله صحابي من احق الناس بحسن الصحبة قال امك، قال ثم من قال امك، قال ثم من قال ثم امك ثم ابيك ، فهذا يدل على واجب الابن في تقديس والديه وبرهما دون تحديد للزمن". وأضاف قائلا :"بالنسبة لما يحتفل به العرب بشكل عام بمن فيهم المسلمون ، ويطلق عليه عيد الام فهو يوم واحد في السنة وقد نقله العرب من الغرب لانهم هناك عندما يبلغ احدهم الـ 18 عاما يستقل في حياته ويهجر والديه ليعيش في الخارج ، وهذا يخالف عاداتنا وتقاليدنا في بلادنا ، لذلك هم يحتفلون بعيد الام على اعتبار انه قد هجرها فيتذكرها يوم في العام وبذلك فقد انتقلت الفكرة الى المسلمين وهم يحتفلون اليوم بعيد الام كباقي الاعياد".

"هدية متواضعة لا بأس بها شرط الا يكون هاجرا لها"
ان اردنا التحدث من باب الحلال والحرام ، فالحلال هو ان تبر والديك طوال العمر ، والحرام هو ان تهجرهما ، اما بالنسبة لموضوع عيد او يوم الام فلو ان احدا قدّم لوالدته هدية رمزية او ما شابه للتعبير عن محبته لها فلا عيب في ذلك شرط الا يكون مهاجرا لها بل ان يكون بارا بها ، متواصلا معها ، وهدية رمزية في هذا اليوم لا بأس بها ، شرط ان لا يعتبره عيدا لاننا كمسلمين شرع لنا عيدان فقط وهما عيد الفطر والاضحى ولا ثالث لهما ، وخطية الام هي مثل ذكرى الاسراء والمعراج او ذكرى المولد النبوي الشريف ، ولا بأس ان نهديها شيئا".

" وَلِم لا نعطي للأم يوم حب اضافيا في السنة؟ "
امرأة ملتزمة ومحافظة ، توافق ان للام قدسيتها كل ايام العمر ، ولكن ليس خطأ برأيها ان يخصص لها يوم مميز يقدم لها به هدية قيمة ، وتقول:" انا كسيدة متزوجة مثلا ولدي بيت وزوج وأطفال فلا اجد وقتا كافيا لزيارة امي في كل يوم ، انني ازورها بين فترة والاخرى وأطمئن عليها في كل يوم عبر الهاتف ، ولكن جميل ان يكون يوم في السنة مخصصا لها نجتمع به مع هدية قيمة جدا ، مع العلم ان الهدايا القيمة لا نستطيع تقديمها في كل يوم". وأضافت قائلة حول مسألة الحلال والحرام بتكريس يوم للاحتفال بالام :"هنالك شريعة في ديننا الاسلامي ونحن بالطبع نمشي بحسبها رغم الاراء المتضاربة ، ولكن لكل واحد الحق في اختيار ما يناسبه ان لم يتعد ذلك حدود الاخلاق والاحترام ، وانا شخصيا لا اعتقد ان ديننا يرفض تقييم الام في يوم خاص حتى لو اننا نتواجد معها في كل يوم ، فكل اضافة لاجل الام هي مقبولة على السعة والرحب وديننا هو دين يسر وليس عسر ويحترم المرأة ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال "الجنة تحت اقدام الامهات" فهن يمنحننا الحياة فلم لا نعطيهن يوم حب اضافيا في السنة؟".

"اعتبره حدثا اجتماعيا وليس دينيا "
يقول:" هذا صحيح ان الام معظمة ويجب احترامها كل يوم ، ولكن هذا لا يقول ان لا نحتفل بها في يوم في السنة وان يكون لها عيد او يوم خاص بها ، وانا شخصيا اعتبره حدثا اجتماعيا وليس دينيا وهو لا يمس بأحد وانا نادرا ما لا ازور امي في كل يوم ، ولكن اكرر ان هذا لا يعني ان لا احتفل بيوم الام ".
"يوم الام هو لون من الوان التكريم وليس احتفالا دينيا"
لا يرى ، ضيرا بالاحتفال بعيد الام ، في محاولة متواضعة للاعتراف بدورها في تربية الابناء وعرفانا بدورها في العطاء دون مقابل ، ويقول :" قبل كل شيء يوم الام هو مناسبة جميلة تجمع الابناء وتلم شمل الاسرة بغض النظر عن الاجتماعات الاخرى في كل يوم ، هنالك من يجتمعون في بيت الام ويشيعون جوا من البهجة والامتنان للامهات والجدات وغيرهن ولكن هنالك بالمقابل ما هو محزن حيث ان كثيرا من الامهات منسيات ولا احد من ابنائهن يتذكرهن ، فالتذكر في هذا اليوم له قيمة كبيرة حتى لو كانوا متناسين للام في الايام الباقية ، ولعل هذه المناسبة تكون فاتحة خير واستمرارية لتذكّر الام في باقي الايام". وأضافت:" لا يجوز بأي حال أن نحصر تكريم الأم في هذا اليوم فحسب، فالإسلام أمرنا بأن نجل الأم طول العام وجعل ذلك قربة من أعظم القربات، وهي ذكرى طيبة لإبداء مشاعر نبيلة لشخصية حنونة، والحرج الشرعي في الاحتفال في هذا اليوم ينحصر في إطلاق لفظ العيد بالمعنى الشرعي على هذا اليوم فالإسلام شرع لنا عيدين، عيد الفطر وعيد الأضحى، والاحتفال بالأم في هذا اليوم ليس احتفالا دينيا، بل هو لون من ألوان التكريم". وتابعت:"الاحتفال بأيام فيها تكريم للناس، أو إحياء ذكرى طيبة لم يقل أحد بأن هذا احتفال ديني، أو عيد من أعياد المسلمين، ولكنه فرصة لإبداء المشاعر الطيبة نحو من أسدوا لنا معروفًا، ومن ذلك ما يعرف بالاحتفال بيوم الأم، أو بعيد الأم، فإن الأم لها منزلة خاصة في دين الله، بل في كل دين، ولذلك يجب أن تكرم، وأن تحترم وأن يحتفل بها ؛ فلو اخترنا يومًا من أيام السنة يظهر فيه الأبناء مشاعرهم الطيبة نحو أمهاتهم وآبائهم لما كان في ذلك مانع شرعي ، وليس في هذا تقليد للغرب أو للشرق، فنحن نحتفل بهذا اليوم بما لا يخالف شرع الله، بل بالعكس نحن ننفذ ما أمر الله به من بر الوالدين والأم على وجه خاص، فليس في هذا مشابهة ولا تقليد لأحد".

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]